إبراهيم دياز في الظل.. صعود جولر وماستانتونو يطفئ بريق الساحر المغربي
في “البرنابيو”، حيث يتردد صدى الشعارات الملكية، يقف إبراهيم دياز اليوم كشبح من الماضي. النجم المغربي، البالغ من العمر 26 عاماً، الذي أشعل الجماهير بمهاراته الماكرة وتمريراته السحرية، أصبح الآن على الهامش في خطط تشابي ألونسو.
منذ بداية الموسم 2025/2026، لم يتجاوز دياز 177 دقيقة في الدوري الإسباني، محدوداً بدور البديل الذي يدخل فيه متأخراً، كما حدث في مباراة أوساسونا (68 دقيقة كبديل) أو ريال أوفييدو (27 دقيقة فقط).
هذا التراجع الدراماتيكي ليس مصادفة، بل نتيجة لاعتماد ألونسو على جيل الشباب: أردا جولر في الجناح الأيمن، ثم فرانكو ماستانتونو كبديل قوي، ورودريجو جويس كخيار موثوق.
وفي قلب هذه القصة، يلوح قرار دياز برفض الرحيل في الصيف الماضي كخطأ استراتيجي يهدد مسيرته، خاصة مع عودة جود بيلينجهام إلى الوسط التي أعادت تشكيل التوازن الهجومي.
عروض مغرية
كان صيف 2025 موحشاً لدياز. مع وصول ألونسو إلى مدريد بعد رحيل كارلو أنشيلوتي، أصبح اللاعب المغربي على قائمة “غير المرغوبين”، إلى جانب داني سيبايوس ورودريجو. أبلغ المدرب الباسكي دياز صراحةً بأنه لن يكون أساسياً، مما دفع الإدارة إلى النظر في خيارات الخروج.
وصلت العروض الجذابة: بنفيكا البرتغالي عرض إعارة مع خيار شراء بـ40 مليون يورو، بينما فنربخشة التركي، تحت قيادة جوزيه مورينيو وقتها، قدم عقداً سنوياً بـ8 ملايين يورو.
لم يتوقف الأمر هناك؛ الدوري السعودي عرض 50 مليون يورو، وتوتنهام الإنجليزي أبدى اهتماماً بصفقة دائمة، كما كان باريس سان جيرمان قد حاول سابقاً في صيف 2024.
بلغت قيمة بعض هذه العروض ما يكفي لجعل دياز نجماً أساسياً في أي فريق آخر، لكنه رفض الكل.
“أريد أن أثبت نفسي في ريال مدريد”، قال لمصدر مقرب من “ماركا”، مشيراً إلى تجديد عقده حتى 2028.
كان ألونسو قد أجرى مكالمة خاصة معه، موحياً بـ”دور هجومي”، لكن الوعود تبخرت مع مرور الأسابيع.
اليوم، يُعتبر هذا الرفض “خطأً فادحاً”، كما تصفه الجماهير على “إكس”، حيث يتداولون تغريدات مثل: “دياز رفض بنفيكا ليجلس على الدكة أمام أتلتيكو!”
AA
المنافسة الشرسة
يعمق التراجع صعوبة حصول دياز على فرص منتظمة، خاصة مع عودة جود بيلينجهام إلى الوسط الهجومي بعد إصابة طفيفة.
الإنجليزي، الذي سجل 15 هدفاً الموسم الماضي، يُعيد التوازن إلى الخط الوسط، مما يدفع ألونسو إلى دفع أردا جولر (20 عاماً) إلى الجناح الأيمن كأولوية.
جولر، “الجوهرة التركية”، يتألق هذا الموسم: 3 أهداف و3 مساعدات في 7 مباريات بالدوري (502 دقيقة).
في دوري الأبطال، لعب 73 دقيقة كاملة أمام مارسيليا، وسجل الهدف الحاسم أمام ريال سوسييداد (2-1).
“أردا يجسد الإبداع الذي أريده”، قال ألونسو بعد الفوز على ليفانتي (4-1)، حيث بدأ جولر أساسياً مرة أخرى.
بعد جولر، يأتي فرانكو ماستانتونو (18 عاماً)، الواعد الأرجنتيني الذي انضم في أغسطس/أب الماضي مقابل نحو 60 مليون يورو من ريفر بليت.
الموهبة الجديدة، التي وُصفت بـ”الميسي الجديد” من قبل المدرب مارسيلو جاياردو، حصلت على بدايات أساسية في الجناح، كما في فوز 1-0 على أوساسونا حيث دخل كبديل حاسم.
ألونسو، الذي بنى باير ليفركوزن على الشباب، يراه “سلاحاً سرياً”، مما يدفع دياز إلى الخلفية. وفي الختام، يعود رودريجو جويس (24 عاماً) كخيار ثالث، بعد رفضه عروضاً من مانشستر سيتي وليفربول.
مستقبل غامض
لا يقتصر التراجع على الملعب؛ يمتد إلى الجانب النفسي والدولي. دياز، الذي سجل آخر هدف له في الدوري في 1 مارس/أذار 2025، يعاني من نقص الدقائق الأمر الذي يهدد مكانته في المنتخب المغربي، خاصة مع اقتراب تصفيات كأس العالم 2026.
في الخسارة المؤلمة أمام أتلتيكو مدريد (5-2)، جلس دياز على الدكة طوال الوقت، بينما بدأ جولر ودخل رودريجو كبديل.
وكانت هذه أول هزيمة كبيرة لألونسو هذا الموسم، حيث قال “أتحمل المسؤولية”، لكنه دافع عن “الثقة بالشباب”.
الجماهير منقسمة: بعضهم يرى في دياز “اللاعب الذي يستحق فرصة أكبر”، وآخرون يمدحون المداورة بين النجوم، مشيرين إلى أن ألونسو وعد بـ”دقائق أكثر” لدياز وسيبايوس قريباً.
في النهاية، قصة دياز تُذكّر بقسوة كرة القدم: الرفض للرحيل يمكن أن يكون بطولة أو مصيبة. مع مهاراته في التسديد وصفاته البدنية، يظل “الساحر” خياراً قيماً، لكنه يحتاج إلى دقائق لإعادة إشعال شرارته.
إرسال التعليق