جاري التحميل الآن

ظل أوكوشا يطل من بعيد.. وتشيلسي يتحرك بهدوء


عبد الجليل كمال الدين يطرق أبواب ستامفورد بريدج

يبدو أن تشيلسي لا يهدأ أبدًا في رحلة البحث عن المواهب العالمية التي قد تصنع الفارق في المستقبل. هذه المرة، توجهت أنظار كشاف النادي اللندني إلى قارة إفريقيا، وتحديدًا إلى نيجيريا، حيث يلمع اسم ناشئ لم يتجاوز السادسة عشرة من عمره، لكنّه فرض نفسه بقوة على الساحة بفضل موهبته الاستثنائية، وهو لاعب الوسط عبد الجليل كمال الدين.

ورغم حداثة سنه، إلا أن النجم الصاعد نجح في لفت الأنظار خلال بطولة كأس العالم تحت 20 عامًا المقامة حاليًا في تشيلي، حيث يتوقع له كثيرون أن يكون أحد أبرز اكتشافات البطولة وربما أحد أهم المواهب الإفريقية في السنوات المقبلة.

اللاعب الشاب ينتمي إلى أكاديمية كوارا فوتبول في نيجيريا، إحدى المؤسسات التي اشتهرت بإفراز المواهب المميزة للكرة الإفريقية. وشارك كمال الدين كبديل متأخر في مباراة منتخب بلاده أمام النرويج، والتي انتهت بخسارة “النسور الشابة” بهدف نظيف.

ورغم الفارق العمري الكبير بينه وبين منافسيه، إذ يكبره بعض اللاعبين بخمس سنوات كاملة، إلا أنه أظهر لمحات فنية رائعة وأثار إعجاب المتابعين بتحركاته وانطلاقاته الهجومية، وكان قريبًا من خطف هدف التعادل في اللحظات الأخيرة.

المثير في الأمر أن هذه المباراة جاءت بعد أقل من ثلاثة أسابيع فقط على احتفاله بعيد ميلاده السادس عشر، وهو ما يجعل مشاركته في بطولة بهذا الحجم حدثًا استثنائيًا يعكس حجم الثقة التي يحظى بها من مدربيه، وحجم الموهبة التي يتمتع بها.

بل إن هناك توقعات بأن يبدأ أساسيًا في مباراة نيجيريا المقبلة أمام السعودية، في ظل متابعة دقيقة من كشافي الأندية الأوروبية، وعلى رأسهم تشيلسي وفقا لما ذكرته صحيفة “ذا صن“.

نجم ليس وليد الصدفة

لم يكن عبد الجليل كمال الدين اكتشافًا مفاجئًا لكشاف تشيلسي. فاللاعب سبق أن قدّم أوراق اعتماده في بطولة اتحاد غرب إفريقيا تحت 20 عامًا التي أُقيمت مطلع هذا العام في غانا.

وخلال تلك البطولة، قدّم أداءً مميزًا مع منتخب بلاده، وسجل هدفًا مهمًا في الفوز الكبير على بنين بنتيجة 4-1، كما تألق في الأدوار الحاسمة أمام النيجر وكوت ديفوار في نصف النهائي والنهائي.

في تلك المرحلة، كان كمال الدين يشغل مركز الجناح الأيسر، حيث برع في المراوغة والاختراقات الفردية، قبل أن يتحول تدريجيًا إلى لاعب وسط هجومي بفضل قدرته على التحكم في إيقاع اللعب والانطلاق من العمق. هذا التنوع التكتيكي جعله أكثر جاذبية للمدربين والكشافين، وزاد من قيمته كموهبة متعددة الاستخدامات.

Fulham v Leeds United - Premier LeagueGetty Images

مقارنات مبكرة مع أساطير

بفضل سرعته ومهاراته الفنية وقدرته على اللعب في أكثر من مركز، بدأ كثيرون في مقارنته بنجم إيفرتون الحالي والمنتخب النيجيري أليكس إيووبي، الذي سبق له الدفاع عن ألوان آرسنال وفولهام.

غير أن التطلعات بشأن كمال الدين تتجاوز هذه المقارنة، إذ يراه البعض قادرًا على السير على خطى عمه الأسطوري جاي جاي أوكوشا، الذي يعتبر أحد أبرز نجوم الكرة الإفريقية في التاريخ.

أوكوشا.. الإلهام الأكبر

للتذكير، فإن جاي جاي أوكوشا وُلد في 14 أغسطس/آب 1973 بمدينة إينوجو النيجيرية، واشتهر بمهاراته السحرية ولمساته الفنية التي أذهلت الجماهير. لعب لأندية أوروبية كبرى أبرزها باريس سان جيرمان بين عامي 1998 و2002، بعد انتقاله من فنربخشه في صفقة قياسية بلغت 16 مليون يورو، وهو مبلغ غير مسبوق للاعب إفريقي آنذاك.

مع النادي الباريسي، قاد أوكوشا فريقه للفوز بكأس الأبطال الفرنسي وكأس الإنترتوتو، وكان له تأثير كبير على تطور موهبة النجم البرازيلي رونالدينيو، الذي اعترف مرارًا بأنه تعلم الكثير من أسلوب النجم النيجيري.

أما على الصعيد الدولي، فقد لعب أوكوشا 73 مباراة مع منتخب نيجيريا، سجل خلالها 14 هدفًا. وتوج بكأس أمم إفريقيا 1994، كما ساهم في تحقيق ذهبية أولمبياد أتلانتا 1996. وفي نسخة 2004 من البطولة القارية، توج كأفضل لاعب وهداف. بعد مسيرته في فرنسا، أصبح أوكوتشا أيقونة في الدوري الإنجليزي الممتاز مع بولتون واندررز، حيث خطف قلوب الجماهير بأسلوبه الفريد.

SOCCER-AFRICA-NIGERIA-MOROCCOGetty Images

تشيلسي وعلاقته التاريخية بالمواهب الإفريقية

اهتمام تشيلسي بعبد الجليل كمال الدين ليس غريبًا، فقد عُرف النادي اللندني بكونه أحد الوجهات الرئيسية للمواهب الإفريقية. فقد مر من بواباته نجوم كبار تركوا بصمة واضحة، مثل الغاني مايكل إيسيان، والنيجيري جون أوبي ميكيل، والإيفواري سالومون كالو. هؤلاء لم يكونوا مجرد لاعبين عابرين، بل ساهموا بشكل مباشر في صناعة مجد الفريق خلال العقدين الماضيين.

ويبدو أن الاهتمام بكمال الدين يعكس رغبة النادي في استعادة مشروعه القديم القائم على الاستثمار طويل الأمد في المواهب الإفريقية، وهي خطوة تتناغم مع سياسة إدارة تشيلسي الجديدة التي تركز على بناء قاعدة من اللاعبين الشبان حول العالم.

أسماء نيجيرية أخرى في ستامفورد بريدج

من المثير أيضًا أن تشيلسي يضم بالفعل لاعبًا نيجيريًا شابًا آخر هو المهاجم شيزرام إزينواتا (16 عامًا)، المولود في لندن والمنضم من تشارلتون أثليتيك وهو في الخامسة عشرة. اللاعب مؤهل لتمثيل ثلاث دول هي إنجلترا ونيجيريا والكاميرون، وقد رفض النادي السماح له بالالتحاق بمعسكر منتخب نيجيريا قبل البطولة الحالية.

هذا التوجه نحو المواهب النيجيرية يعكس إدراكًا متزايدًا لدى إدارة النادي بأن السوق الإفريقية تزخر بالطاقات التي يمكن أن تتحول إلى نجوم عالميين إذا ما حصلوا على الرعاية الصحيحة.

إضافة إلى ذلك، يظهر نجم الفريق الأول كول بالمر اهتمامًا خاصًا بمتابعة مباريات فرق الناشئين بالنادي، حيث حضر بعض المباريات وأشاد مؤخرًا بلاعب من فريق تحت 19 عامًا. هذه الروح الجماعية والاهتمام بالناشئين تعكس حالة من الترابط بين جميع فرق النادي، مما يوفر بيئة مثالية لشاب مثل كمال الدين لتطوير قدراته في أجواء إيجابية.

Manchester United v Chelsea - Premier LeagueGetty Images

مستقبل مشرق ينتظر كمال الدين

كل المؤشرات توحي بأن عبد الجليل كمال الدين سيكون اسمًا حاضرًا بقوة في مستقبل كرة القدم النيجيرية وربما العالمية. موهبته الفطرية، وروحه التنافسية، وقدرته على التطور بسرعة، كلها عوامل تؤهله لكتابة فصل جديد من الحكاية النيجيرية في الملاعب الأوروبية. وتشيلسي، الذي لطالما تميز بقدرته على اكتشاف وصقل المواهب، قد يكون بالفعل الوجهة المثالية لبدء مشواره الأوروبي.

وبين المقارنات المبكرة بإيووبي، والطموحات في أن يصبح “أوكوشا الجديد”، يقف عبد الجليل على أعتاب مستقبل يَعِد بالكثير، حيث يختلط الحلم بالواقع في قصة تبدو وكأنها على وشك الانطلاق نحو العالمية.



Source link

إرسال التعليق

You May Have Missed