ثورة حقيقية أم فقاعة؟ جيف بيزوس يتحدث عن مستقبل الذكاء الاصطناعي
أكد مؤسس شركة أمازون، جيف بيزوس، أن الذكاء الاصطناعي يمر حاليًا بما وصفه بـ”الفقاعة”، لكنه شدّد في الوقت نفسه على أن تلك التقنية حقيقية وسوف تجلب فوائد كبرى للمجتمع.
وجاء ذلك خلال مشاركته في أسبوع التكنولوجيا الإيطالي بمدينة تورينو، حيث حاوره الرئيس التنفيذي لشركة “إكسور” جون إلكان حول مستقبل تلك الصناعة.
وأوضح بيزوس أن مفهوم “الفقاعة” يُستخدم عادةً للإشارة إلى مدد زمنية ترتفع فيها أسعار الأسهم أو تقييمات الشركات بعيدًا عن الأسس الحقيقية للأعمال، مشيرًا إلى انهيار شركات الإنترنت في عام 2000 كأحد أبرز الأمثلة التاريخية.
وأضاف أن ملامح هذه الفقاعات تتضح في انفصال أسعار الأسهم عن الواقع، إلى جانب حالة الحماس المفرط المحيطة بالتقنية الجديدة، كما يحدث اليوم مع الذكاء الاصطناعي.
وأكد بيزوس أن هذه المرحلة تدفع المستثمرين إلى تمويل كافة الأفكار بلا تمييز، سواء كانت جيدة أو سيئة، وهو ما يعقّد قدرتهم على التفرقة بين المشاريع الواعدة وغير المجدية.
ومع ذلك، شدّد بيزوس على أن هذه الظاهرة لا تنفي واقعية التقنية نفسها، مؤكدًا أن “الذكاء الاصطناعي حقيقي، وسيغير الصناعات كلها من دون استثناء”.
ما هي الفقاعة الاقتصادية؟
تُعرَّف الفقاعة الاقتصادية بأنها ظاهرة ترتفع فيها أسعار الأصول مثل الأسهم أو العقارات أو العملات إلى مستويات تفوق قيمتها الحقيقية بفعل مضاربات مفرطة وتوقعات غير واقعية. وتستمر الأسعار بالصعود حتى تصل إلى مرحلة الانفجار، إذ ينهار السوق فجأة ويعود إلى مستويات أدنى من قيمته الأساسية.
ويشير خبراء الاقتصاد إلى أن الفقاعات تمر بعدة مراحل، تبدأ بإنجذاب المستثمرين إلى أصل معين، ثم اندفاع واسع يرفع الأسعار، يلي ذلك حالة من الحماسة المفرطة والاقتناع باستمرار الصعود، قبل أن يدخل بعض المستثمرين في مرحلة جني الأرباح لتبدأ بعدها موجة الانهيار.
ومن أبرز الأمثلة على الفقاعات التاريخية فقاعة شركات الإنترنت أواخر التسعينيات، إذ انهارت قيمة عشرات الشركات الناشئة بعد سنوات من النمو غير الواقعي، في حين استمرت شركات قوية مثل أمازون وجوجل لتُثبت لاحقًا أنها صاحبة نموذج أعمال حقيقي.
الذكاء الاصطناعي فقاعة؟
يرى اقتصاديون أن ما يشهده قطاع الذكاء الاصطناعي في الوقت الراهن يحمل سمات “الفقاعة الاقتصادية”، إذ تتسابق الشركات على ضخ استثمارات ضخمة وتقديرات مرتفعة تفوق أحيانًا القيمة الفعلية للتقنيات المطروحة.
ويعيد ارتفاع تقييمات الشركات الناشئة بمجال الذكاء الاصطناعي، وسباق المستثمرين نحوها، إلى الأذهان تجارب سابقة مثل فقاعة الإنترنت في التسعينيات.
ومع أن الخبراء يحذرون من احتمالية “انفجار” هذه الفقاعة إذا لم تتطابق التوقعات مع الواقع، فإنهم يؤكدون في الوقت ذاته أن الذكاء الاصطناعي يُعد تقنية جوهرية ستغير مستقبل الاقتصاد، حتى لو تراجعت الأسعار لاحقًا. أي أن الفارق بينه وفقاعات سابقة يكمن في أن التقنية نفسها حقيقية وفاعلة وقادرة على إحداث تحولات كبرى في شتى القطاعات، من الرعاية الصحية والتعليم إلى الصناعة والخدمات المالية.
وتنسجم تصريحات جيف بيزوس مع هذه الصورة ومع آراء قادة بارزين آخرين، مثل سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI الذي أدلى بدوره بتصريحات أخيرة مشابهة.
ويمكن تلخيص تلك الآراء والتصريحات المتداولة في أن الذكاء الاصطناعي يعيش اليوم حالة مشابهة من الحماس المفرط وتدفق التمويل، لكن ذلك لا يعني أن التقنية وهمية. وعلى العكس، فهي حقيقية وستغير جذريًا مسار قطاعات مثل الطب والتعليم والصناعة والترفيه، لكن السوق قد يشهد غربلة حتمية تُميز المشاريع الجادة عن تلك التي لا تملك مقومات الاستمرار.
إرسال التعليق