رغم رحيله.. هل يتسبب دوران في أزمة للنصر؟
في كرة القدم، لا تنتهي الأزمات برحيل اللاعبين، بل قد تبدأ أحيانًا من حيث يظن الجميع أن الملف قد أُغلق.
هكذا تبدو قصة الكولومبي جون دوران، الذي غادر أسوار النصر السعودي صوب فنربخشة التركي بحثًا عن فرصة أكبر، قبل أن تداهمه إصابة طويلة الأمد تهدد مسيرته هذا الموسم.
ورغم ابتعاده جسديًا عن الرياض، إلا أن شبحه ما زال حاضرًا، ليطرح سؤالًا مثيرًا، هل يتحول رحيله إلى أزمة جديدة للنصر في منتصف الطريق؟
صفقة تاريخية
يُنظر إلى انتقال دوران على أنه صفقة تاريخية بكل المقاييس، بعدما كلفت خزائن النصر نحو 90 مليون يورو خلال يناير/كانون ثانٍ 2025، ليصبح بذلك أغلى صفقة في تاريخ الدوري السعودي، بالتساوي مع الصفقة التي هزت العالم عندما انضم البرازيلي نيمار إلى الهلال بنفس القيمة في صيف 2023.
هذا الرقم الضخم لا يعكس فقط القيمة التسويقية والنجومية للاعب، بل يبرز أيضًا الطموح الكبير لدوري روشن في ترسيخ مكانته كوجهة عالمية لأفضل النجوم.
وبينما راهنت إدارة النصر على دوران ليكون أحد أعمدة المستقبل، قبل أن يتبخر الحلم بعد أشهر قليلة.
بداية مثالية ونهاية صادمة
دخل دوران في أجواء دوري روشن ببداية مثالية، حيث نجح في خطف الأنظار بأدائه القوي وحماسه الكبير، ما جعل الجماهير ترى فيه صفقة استثنائية قادرة على تغيير ملامح خط هجوم النصر.
لكن بمرور الوقت، بدأت علامات التراجع تظهر تدريجيًا، سواء عبر إهدار الفرص السهلة أمام المرمى، أو من خلال تراجع مستواه البدني والفني نتيجة الضغوط والإصابات وسوء السلوك.
ومع اتساع الفجوة بين التوقعات الضخمة وما يقدمه داخل الملعب، تحولت بدايته الواعدة إلى نهاية مؤلمة، لتطرح تساؤلات كبرى حول مستقبله مع الفريق وكيف يمكنه استعادة بريقه المفقود.
غربلة كبرى وطموحات رونالدو
جاء رحيل دوران ضمن خطة الغربلة التي نفذتها إدارة النصر في بداية الموسم الجاري، بعدما رأت أن الفريق بحاجة إلى إعادة ترتيب الأوراق وتدعيم مراكز أكثر حيوية بلاعبين قادرين على صناعة الفارق.
ومع استمرار كريستيانو رونالدو كقائد للفريق، ارتفعت الطموحات بشكل أكبر، إذ كان البرتغالي يطالب بشكل واضح بجلب صفقات جديدة ترفع من جودة المجموعة وتساعده على قيادة النصر نحو منصات التتويج.
ورغم أن رحيل دوران بدا خيارًا منطقيًا ضمن هذه التغييرات، إلا أن عودته المحتملة قد تضع الإدارة في موقف معقد أمام طموحات “الدون” ورغبته في تعزيز الصفوف بأسماء أكثر جاهزية.
صدمة مفاجئة
لم يكن أحد يتوقع أن تتحول تجربة دوران مع فنربخشة إلى كابوس مبكر، بعدما تعرض لإصابة مفاجئة طويلة الأمد أوقفت مسيرته مع الفريق التركي، بحسب ما نشرته صحيفة “اليوم” السعودية.
الإصابة جاءت في توقيت حساس، حيث كان النادي التركي يعول عليه لتعزيز الفاعلية الهجومية، لكن غيابه المفاجئ أربك خطط الجهاز الفني وأثار قلق الإدارة.
هذا التطور لم يؤثر فقط على مستقبل اللاعب مع فنربخشة، حيث أكدت الصحيفة السعودية أن النادي التركي يفكر في إنهاء إعارة اللاعب وعودته للنصر.
أزمة مرتقبة
عودة دوران إلى النصر في منتصف الموسم قد تفتح بابًا واسعًا للأزمات الإدارية والمالية، إذ أن قائمة الفريق مكتملة بالفعل بعدد اللاعبين الأجانب المسموح به، ما يجعل إعادة قيده مسألة معقدة قانونيًا.
إلى جانب ذلك، فإن اللاعب يتقاضى راتبًا ضخمًا يُشكل عبئًا على خزينة النادي إذا لم يُشارك بانتظام، وهو ما قد يضع الإدارة في مأزق مزدوج، إما البحث عن مخرج قانوني لتسويقه أو إنهاء عقده، أو تحمّل تكلفة لاعب مُصاب دون أي مردود فني.
مثل هذه السيناريوهات قد تفرض على النصر اتخاذ قرارات صعبة تتعلق بإعادة هيكلة قائمة أجانبه لضمان التوازن بين الطموحات الرياضية والاستقرار المالي.
استقرار نصراوي
رغم الجدل المحيط بمستقبل دوران، إلا أن النصر يعيش واحدة من أكثر فتراته استقرارًا هذا الموسم.
الفريق يتصدر جدول دوري روشن بالعلامة الكاملة (12 نقطة من 4 مباريات)، في إشارة واضحة إلى جاهزيته للمنافسة بقوة على اللقب.
وعلى الصعيد القاري، واصل “العالمي” تفوقه في دوري أبطال آسيا 2 بحصد 6 نقاط كاملة، ما منحه صدارة مجموعته مبكرًا وزاد من فرصه في العبور نحو الأدوار المتقدمة. أما محليًا، فقد تأهل النصر إلى ثمن نهائي كأس الملك بعد فوز كاسح على جدة بنتيجة 4-0، ليؤكد هيمنته على مختلف البطولات.
هذا الاستقرار الفني والذهني يُعد ورقة رابحة للبرتغالي جورجي جيسوس وجهازه الفني، ويعطي الإدارة مرونة أكبر في التعامل مع الملفات الصعبة مثل أزمة دوران.
إرسال التعليق