رجل اللحظات الحاسمة.. محرز ينثر سحره مع الجزائر في ليلة الحلم
في واحدة من الليالي العصيبة التي عاشتها الجماهير الجزائرية، قرر الساحر المخضرم رياض محرز أن يتولى مهمة قيادة بلاده نحو التأهل لنهائيات كأس العالم 2026.
محرز قاد “الخضر” لتحقيق فوز مستحق خارج الديار أمام الصومال، بثلاثية دون رد، ليقود بلاده إلى المونديال القادم، بعد الوصول إلى 22 نقطة في صدارة ترتيب المجموعة السابعة.
ساحر جزائري
ساهم نجم أهلي جدة في ثلاثية فريقه أمام الصومال، حيث صنع هدفين وسجل هدفًا، ليساهم في وصول بلاده للمونديال للمرة الثانية بعد نسخة 2014.
ووصل محرز للمساهمة التهديفية رقم 17 في 21 مباراة خاضها مع منتخب الجزائر في التصفيات الأفريقية المؤهلة لكأس العالم.
وسجل محرز 7 أهداف وصنع 10، وذلك خلال المشاركة الرابعة له مع “الخضر” في التصفيات المونديالية.
وإجمالاً، وصل محرز إلى 77 مساهمة تهديفية مع منتخب بلاده في 105 مباريات بمختلف المسابقات، حيث سجل 33 هدفًا وصنع 44.
ليلة الحلم
كانت هذه المباراة، بمثابة ليلة الحلم والتي كانت يسعى فيه رجال الجزائر للعودة إلى كأس العالم، بعد الفشل في التأهل بآخر نسختين.
ورغم الكوكبة المميزة التي يمتلكها المنتخب الجزائري من النجوم، إلا أنه غاب عن المونديال في آخر نسختين، بعد مشاركته التاريخية في نسخة 2014 بالبرازيل.
وفي تصفيات 2018، تذيل محاربي الصحراء المجموعة الثانية برصيد نقطتين من تعادلين و4 هزائم، تعادلت الجزائر في الجولة الأولى أمام الكاميرون بنتيجة (1-1)، ثم تلقى 4 هزائم متتالية من نيجيريا وزامبيا (1-3) أمام كلٍ منهما، و (0-1) من زامبيا، و(0-2) من الكاميرون، وتعادل أخير أمام نيجيريا بنتيجة (1-1).
وفشل منتخب الجزائر في التأهل إلى نهائيات كأس العالم 2022 عقب الهزيمة على ملعبه أمام الكاميرون 1-2 في الوقت الإضافي، في إياب المرحلة الفاصلة من التصفيات الأفريقية المؤهلة إلى نهائيات المونديال.
ويمكن القول إن محرز كان رجل ليلة حلم العودة للمونديال أمام الصومال، بفضل مستواه المذهل سواء على مستوى الصناعة أو التسجيل وتهديد مرمى الخصم.
رجل المواعيد الكبرى
واصل محرز تقديم العروض المثيرة في المواعيد الكبرى سواء مع الجزائر أو أهلي جدة منذ بداية الموسم الماضي.
واستطاع محرز أن يقود الأهلي في الموسم الماضي لتحقيق لقب دوري أبطال آسيا للنخبة للمرة الأولى في التاريخ، بأعلى معدل مساهمات تهديفية في البطولة، مسجلاً 8 أهداف وصنع 9 أخرى.
وتمكن محرز خلال الموسم الماضي من تقديم مستويات مذهلة مع الأهلي، حيث سجل 17 هدفًا وصنع 21 في 45 مباراة بمختلف المسابقات المحلية والقارية.
وفي الموسم الماضي، نجح في تقديم تمريرة حاسمة على الأقل خلال 4 مباريات متتالية في الدوري، وتمكن من صناعة 4 أهداف في ليلة الفوز على الفيحاء (5-0).
Getty Images
ومن ضمن الليالي الكبرى التي ساهم خلالها محرز في التسجيل، عندما صنع هدفًا أمام كل من النصر والاتحاد والشباب والاتفاق في الدوري، وضد الهلال بنخبة آسيا.
وقاد الأهلي لتحقيق لقب السوبر المحلي مطلع الموسم الجاري، للمرة الأولى منذ 9 سنوات، وهو ثاني أكثر لاعبي الراقي مساهمة في الأهداف منذ بداية الموسم، بواقع 7 أهداف (سجل 2 وصنع 5).
وعاد لينقل سحره إلى بلاده، بعد سلسلة طويلة من الانتقادات التي تعرض لها خلال الفترة الأخيرة على المستوى الدولي.
قيادة ورؤية داخل الملعب
لم يكن محرز مجرد لاعب يسجل الأهداف أو يصنعها، بل كان قائدًا حقيقيًا داخل أرضية الميدان، فضل قدرته على قراءة مجريات اللعب، وجرأته في اتخاذ القرارات الحاسمة، جعلته العقل المدبر لهجمات الجزائر.
ومع كل لمسة، ينجح في بث الثقة داخل زملائه، ليصبح عنصر التوازن بين الإبداع الفردي والانضباط الجماعي.
وتحديدًا ظهر ذلك خلال الهدف الثالث، بعدما راوغ ظهير الصومال أكثر من مرة، وانتظر حتى أصبحت منطقة الجزاء مليئة بعناصر منتخب بلاده، ثم أرسل عرضية رائعة.
العودة للمونديال
لم يكن الفوز على الصومال مجرد 3 نقاط في رصيد المنتخب الجزائري، بل كان لحظة رمزية أعادت الأمل إلى الملايين، فبعد سنوات من الغياب والإخفاقات المؤلمة، استعاد “الخضر” مقعدهم بين كبار العالم.
بالنسبة للجماهير، التأهل إلى كأس العالم 2026 لم يكن حدثًا عاديًا، بل كان أشبه باستعادة جزء من الهوية الوطنية المفقودة، وتجديد ذكرى مونديال 2014 الذي ما زال محفورًا في الذاكرة.
أما بالنسبة لرياض محرز، فقد جسدت العودة معنى الاستمرارية والإصرار، لتتحول إلى رسالة واضحة بأن نجم الجزائر ما زال حاضرًا، يقود ويحلم، ويرفض الاستسلام لفكرة النهاية.
ماذا ينتظر محرز؟
تأهل الجزائر إلى مونديال 2026 لم يكن مجرد نهاية رحلة تصفيات ناجحة، بل بداية مرحلة جديدة يُعوَّل فيها على خبرة محرز وقدرته على صناعة الفارق.
وبجانب أرقامه المبهرة، يمثل محرز حجر الأساس الذي تُبنى عليه طموحات “الخضر”، سواء من خلال خبرته في إدارة المواقف الصعبة أو قدرته على توجيه اللاعبين الشباب داخل الملعب.
المونديال القادم سيكون بمثابة اختبار أخير لجيل محرز ورفاقه، لكنه في الوقت نفسه فرصة لتمهيد الطريق أمام الجيل الجديد الذي سيحمل راية الجزائر في السنوات القادمة.
وهنا يظهر دور محرز ليس فقط كنجم هجومي، بل كقائد للمرحلة الانتقالية التي قد تُحدد ملامح مستقبل المنتخب لسنوات طويلة.
إرسال التعليق