إنجاز فضائي إماراتي.. “سبيس 42” تعزز السيادة التقنية بشحن 3 أقمار رادارية مُجمَّعة ومختبَرة محليًا
في خطوة تاريخية تؤكد التزام دولة الإمارات بتعزيز قدراتها السيادية في قطاع الفضاء، أعلنت شركة (سبيس 42) الإماراتية، المتخصصة في تكنولوجيا الفضاء المدعومة بالذكاء الاصطناعي، شحن ثلاثة أقمار اصطناعية رادارية جديدة من نوع (SAR) – وهي (فورسايت-3)، و(فورسايت-4)، و(فورسايت-5) – من (مجمّع سبيس 42 للصناعات الفضائية) في أبوظبي إلى الولايات المتحدة تمهيدًا لإطلاقها إلى المدار.
وتُمثل هذه الأقمار، التي جرى تصنيعها بالتعاون مع شركة (آيس آي) ICEYE، الرائدة عالميًا في تشغيل الأقمار الرادارية، نقلة مفصلية كونها المرة الأولى التي تُنفذ فيها عمليات الدمج والاختبارات الكاملة لأقمار اصطناعية رادارية داخل الأراضي الإماراتية.
ويؤكد هذا التحوّل العميق التسارع الطموح للدولة نحو تحقيق مستهدفات (الإستراتيجية الوطنية للفضاء 2030)، ويُرسّخ موقع أبوظبي كمركز إقليمي متقدم للذكاء الجيومكاني ومحور للابتكار في الصناعات الفضائية المتقدمة.
نقلة نوعية من الاستيراد إلى التصنيع والسيادة:
عبّر خالد العوضي، نائب رئيس أنظمة رصد الأرض في (سبيس 42)، عن فخره بهذا الإنجاز قائلًا: “لأول مرة، تُنفذ عمليات اختبار أقمار اصطناعية داخل الدولة، ويجسّد ذلك تحولًا كبيرًا من الاعتماد على التكنولوجيا العالمية إلى تطوير منصات محلية ومتقدمة”.
خالد العوضي، نائب رئيس أول لأنظمة رصد الأرض في “سبيس 42″، يتحدث عن أحدث الأقمار الاصطناعية الرادارية “فورسايت”، بعد نجاح الشركة في تجميعها واختبارها في منشآتها في أبوظبي. pic.twitter.com/Jt9T861hgA
— مكتب أبوظبي الإعلامي (@ADMediaOffice) October 9, 2025
وأكد العوضي، أن هذه الأقمار الجديدة ستسهم في توسيع كوكبة أقمار فورسايت، وتعزيز القدرات السيادية للإمارات في ريادة الجيل الجديد من تقنيات رصد الأرض المدعومة بالذكاء الاصطناعي.
توسيع كوكبة (فورسايت).. بيانات فورية بدقة غير مسبوقة:
ستنضم الأقمار الاصطناعية الرادارية الجديدة (فورسايت-3) و(فورسايت-4) و(فورسايت-5) إلى كوكبة أقمار (فورسايت) لرصد الأرض، لتوفير صور رادارية عالية الدقة تصل قدرة رصدها إلى 25 سنتيمترًا، مع ضمان تغطية عالمية شاملة في جميع الظروف الجوية.
Space42 has successfully shipped three Synthetic Aperture Radar (SAR) satellites to the United States from its Space Systems facility in #AbuDhabi.
Foresight-3, Foresight-4, and Foresight-5, were manufactured in partnership with @iceye_global, the global leader in SAR satellite… pic.twitter.com/5Uj7G27w1E
— Space42 (@space42ai) October 9, 2025
ويعزز هذا التوسع مستوى الوصول التكتيكي إلى الصور الرادارية لدعم مجموعة واسعة من التطبيقات الحيوية، التي تشمل:
- الاستجابة للكوارث ومراقبة المناخ.
- التخطيط العمراني والخدمات اللوجستية.
- الأمن الوطني.
وتُحلل هذه الصور عبر منصة الذكاء الاصطناعي (جي آي كيو) GIQ التابعة لشركة سبيس 42، التي تقدم معلومات جيومكانية دقيقة تمكّن الحكومات والقطاع الخاص من اتخاذ قرارات إستراتيجية في مجالات التخطيط وإدارة المخاطر. وبعد إطلاق قمرين سابقين في 2024 و2025، تقترب الكوكبة من هدفها بالوصول إلى النضج الكامل بحلول عام 2027.
الكفاءة الوطنية والتعاون الدولي يدعمان الابتكار:
يُجسد تطوير هذه الأقمار نموذجًا ناجحًا للتعاون الدولي، إذ تم الإنتاج الأولي في فنلندا، فيما تولت الكفاءات الهندسية الإماراتية قيادة عمليات التجميع والدمج والاختبار بنجاح في أبوظبي.
ويمثل إنجاز عمليات التجميع والدمج والاختبار داخل الدولة دليلًا ملموسًا على تطوّر الخبرة الصناعية الوطنية في تكنولوجيا الفضاء، ويتيح لدولة الإمارات وشركائها مرونة إستراتيجية للتحكّم بجداول التطوير وأولويات المهام وتكوين الأنظمة.
ويضمن هذا المستوى من القدرات، المتوفر لدى عدد محدود من الدول، ملاءمة الأصول الفضائية مع الأولويات الوطنية والاقتصادية، ويعمل على إعداد جيل جديد من الكفاءات الإماراتية الرائدة في هذا القطاع الحيوي.
وقد أكدت شركة (سبيس 42) في بيان صحفي تلقت (البوابة التقنية) نسخة منه، التزامها بمواصلة توسيع كوكبة (فورسايت) حتى عام 2027، بما يضمن تغطية عالمية شاملة ويعزز مكانة الإمارات كمركز ابتكار واستثمار في تقنيات البيانات الفضائية والذكاء الاصطناعي، وتماشيًا مع رؤيتها لجعل الفضاء رافدًا رئيسيًا للاقتصاد المعرفي الوطني.
ومن ثم؛ يتجاوز شحن هذه الأقمار الاصطناعية الرادارية المُجمَّعة والمختبَرة محليًا بالكامل كونه إنجازًا لوجستيًا؛ إنه تأكيد قاطع على التحوّل النوعي في مكانة دولة الإمارات، من مجرد مستهلك للتكنولوجيا الفضائية إلى صانع وقائد لها.
وبينما تمضي شركة (سبيس 42) بخطوات متسارعة نحو استكمال كوكبة (فورسايت) الطموحة بحلول عام 2027، يُرسّخ هذا البرنامج السيادة التقنية للدولة. كما يضمن توفير البيانات الفورية العالية الدقة لخدمة الأولويات الوطنية، وتعزيز قدرة الإمارات على المساهمة في الاقتصاد الجيومكاني العالمي.
ويُمثّل هذا النجاح، الذي يرتكز على قوة الذكاء الاصطناعي ومهارات الكفاءات الإماراتية الشابة، أساسًا إستراتيجيًا راسخًا لتعزيز وتنمية الاقتصاد الفضائي المعرفي لدولة الإمارات للعقود القادمة.
وفي الختام؛ يمكن القول إن ما بدأ من أبوظبي اليوم، ليس مجرد رحلة فضائية، بل انطلاقة جديدة نحو عصر إماراتي يتحد فيه العلم والرؤية والإرادة لصنع الغد من الفضاء.
إرسال التعليق