دور مكروه يفتح باب المونديال أمام كامافينجا
يجد إدواردو كامافينجا، نجم ريال مدريد، نفسه في مفترق طرق حاسم بمسيرته مع المنتخب الفرنسي، إذ بات مركز الظهير الأيسر – الذي لا يحبه – بمثابة طوق النجاة الوحيد لإبقائه ضمن حسابات كأس العالم 2026، في ظل المنافسة الشرسة على المراكز الأساسية في وسط الميدان.
ووفقاً لصحيفة “آس” الإسبانية، فإن كامافينجا الذي ظهر للمرة الأولى في سن 16 عاما مع رين الفرنسي، خطف الأنظار بأداء مذهل أمام باريس سان جيرمان، ما جعل وسائل الإعلام في فرنسا تعتبره آنذاك “الخليفة الطبيعي لبوجبا وكانتي.
لكن رغم الألقاب الكثيرة التي حققها منذ انتقاله إلى ريال مدريد عام 2021، لم ينجح بعد في تثبيت أقدامه كلاعب أساسي سواء مع النادي الملكي أو مع منتخب “الديوك”.
ورغم أن تحطيم الأرقام القياسية في سن مبكرة لا يعني النجاح الدائم، فإن كامافينجا ما زال في عام 2025 يبحث عن مكان ثابت في تشكيلة فرنسا، بعد أن خاض 27 مباراة دولية متقطعة.
وفي فترة التوقف الدولي الجارية خلال أكتوبر/تشرين الأول، شارك النجم الفرنسي في الدقائق الأخيرة أمام أذربيجان كلاعب وسط، غير أن الجدل في فرنسا تصاعد حول ما إذا كان هذا المركز سيمنحه فرصة المشاركة في المونديال المقبل.
ديشامب وجهازه الفني يدرسون خيارا آخر يتمثل في الدفع بكامافينجا كظهير أيسر، مستفيدين من مرونته التكتيكية، خصوصا أن ثيو هيرنانديز ولوكاس ديني لم يقدما الضمانات الكافية في هذا المركز.
ورغم أن “كامافينجا” صرّح مرارا بأنه لا يحب اللعب في الخط الخلفي، فإن تعدد أدواره قد يكون ورقته الرابحة في بطولة يُحسب فيها كل تفصيل.
تجربة مكررة
ولن تكون هذه التجربة جديدة على اللاعب، فقد اعتمد عليه كارلو أنشيلوتي في ريال مدريد كظهير أيسر في عدة مباريات، كما استخدمه ديشامب في هذا الدور خلال نهائي كأس العالم 2022 في قطر أمام الأرجنتين، حيث ساهم في تعديل إيقاع اللقاء.
لكن في المقابل، لم يتمكن كامافينجا بعد من ترسيخ مكانته في مركز الوسط، سواء في مدريد أو في مركز تدريبات المنتخب الفرنسي، بسبب الإصابات المتكررة التي أعاقت تطوره.
وفي الأشهر القليلة الماضية، بالكاد لعب كامافينجا 80 دقيقة فقط من المنافسات، إذ عاد للمشاركة في 20 سبتمبر/أيلول أمام إسبانيول بعد سلسلة من الإصابات في الفخذ والكاحل التي أثرت على انطلاقته هذا الموسم.
ومع ذلك، قرر ديشامب استدعاءه مجددا خلال فترة التوقف الدولي الحالية لتعويض الغيابات العديدة في خط الوسط. وقد يمنحه المدرب الفرنسي فرصة جديدة يوم الإثنين المقبل أمام آيسلندا، في اختبار حاسم قد يحدد مصيره: هل يبقى لاعب وسط موهوب يبحث عن الثبات، أم يفتح له مركز الظهير “المكروه” باب المونديال من جديد؟
من لاجئ أفريقي إلى قمة كرة القدم
في قصة ملهمة تعكس الإصرار والتفوق، يبرز اسم إدواردو كامافينجا كواحد من أهم المواهب الصاعدة في كرة القدم العالمية.
وُلد كامافينجا في 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2002 بمدينة كابيندا في أنجولا لأبوين من جمهورية الكونغو الديمقراطية، ونشأ في فرنسا بعد أن لجأت عائلته إليها هربًا من الحرب. ومنذ نعومة أظافره، أظهر شغفًا استثنائيًا بكرة القدم، ليبدأ رحلته الكروية في أكاديمية نادي درابو فوجير قبل أن ينتقل إلى أكاديمية رين عام 2013.
في سن 16 عاما فقط، كتب كامافينجا اسمه في سجلات التاريخ عندما شارك لأول مرة مع الفريق الأول لنادي رين في الدوري الفرنسي، ليصبح أصغر لاعب يشارك في تاريخ النادي. لم يكتفِ بالظهور فقط، بل سرعان ما أثبت نفسه كلاعب وسط يتمتع بقدرات فنية وبدنية عالية، حيث تميز بقدرته على افتكاك الكرة، التمرير الدقيق، والرؤية الثاقبة داخل الملعب.
في صيف 2021، خطا كامافينجا خطوة عملاقة في مسيرته بالانضمام إلى نادي ريال مدريد مقابل 31 مليون يورو. ورغم صغر سنه، تأقلم بسرعة مع أجواء “الملكي”، وساهم في تحقيق الفريق لعدة ألقاب، أبرزها دوري أبطال أوروبا والدوري الإسباني في موسمي 2021–2022 و2023–2024.
كما أظهر مرونة تكتيكية لافتة، حيث لعب في مركز الظهير الأيسر عند الحاجة، ما زاد من قيمته لدى المدرب كارلو أنشيلوتي.
على الصعيد الدولي، اختار كامافينجا تمثيل منتخب فرنسا رغم أصوله الأفريقية، وشارك لأول مرة مع “الديوك” في عام 2020، ليصبح أحد أصغر اللاعبين الذين يرتدون قميص المنتخب الفرنسي. وسجل هدفًا رائعًا في أولى مشاركاته الأساسية، ما عزز مكانته كأحد أبرز المواهب الواعدة في أوروبا.
اليوم، يُنظر إلى كامافينجا كأحد أعمدة المستقبل في ريال مدريد ومنتخب فرنسا، بفضل نضجه المبكر، وتواضعه، وروحه القتالية. وبينما لا يزال في بداية العشرينيات من عمره، فإن سقف طموحاته يبدو بلا حدود، وسط توقعات بأن يكون من بين أفضل لاعبي الوسط في العالم خلال السنوات القادمة.
إرسال التعليق